IMF - International Monetary Fund

09/22/2025 | Press release | Distributed by Public on 09/23/2025 07:56

التكنولوجيا والمدفوعات وصعود العملات الرقمية المستقرة

العربية
English
3 min (757 words) Read

التكنولوجيات والبيانات والقيم المجتمعية المتغيرة تعيد تشكيل كيفية نقل الأموال وتداول الأصول المالية عبر الأفراد والمؤسسات

قبل ثلاث سنوات، خصصت مجلة التمويل والتنمية عددا كاملا (الرابط) ترقبا لما أسمته "ثورة النقود" الناتجة عن الابتكارات في مجال التمويل، مثل الأصول المشفرة. واليوم، باتت ملامح تلك الثورة جلية للعيان.

وفي هذا العدد من مجلة التمويل والتنمية، نلقي نظرة على الحدود الجديدة لعالم التمويل حيث التكنولوجيات والبيانات والقيم المجتمعية المتغيرة تشكل من جديد كيفية نقل الأموال وتداول الأصول المالية عبر الأفراد والمؤسسات، وتعيد تعريف مقدمي السيولة ومصادر الخطر الجديدة. ويضم العدد نخبة من الأكاديميين وصناع السياسات لتقييم هذا المشهد المعقد والمشحون سياسيا الذي يثير الدهشة والقلق على حد سواء.

والعملات الرقمية المستقرة هي أحد هذه الحدود الجديدة، حيث تنتمي إلى فئة الأصول الرقمية المدعومة بعملات أو سندات حكومية. وقد أصبح لشركات العملات الرقمية المستقرة ملايين المستخدمين حول العالم الذين يجرون معاملات عبر الحدود على مدار الساعة بتكلفة منخفضة للغاية. وقد تساهم التشريعات الجديدة بالولايات المتحدة وبلدان أخرى في دفع هذا النمو.

وتُقيِّم هيلين راي، الأستاذة بكلية لندن للأعمال، الانعكاسات الاقتصادية الكلية والجغرافية-السياسية لانتشار استخدام العملات الرقمية المستقرة المقومة بالدولار الأمريكي حول العالم. فعلى الجانب الإيجابي، توفر هذه العملات مدفوعات أكثر سرعة وأقل تكلفة عبر الحدود. وعلى الجانب السلبي، فتشمل المخاطر الدولرة، وتقلبات التدفقات الرأسمالية وأسعار الصرف، والضعف المحتمل في النظام المصرفي، وغسل الأموال وغيرها من الجرائم المالية. ورغم صعوبة التنبؤ بتبعات استخدام هذه التكنولوجيا، "ستنشأ مخاطر كبيرة على الأرجح قد تهدد الاستقرار المالي" حسبما تشير راي.

ويكشف ياو زينغ، من كلية وارتون بجامعة بنسلفانيا، عن أحد مصادر الخطر المحتملة. فكتب يقول "تغير المشهد المالي العالمي، وبقيت القواعد كما هي تقريبا دون تغيير". ويتناول زينغ العملات الرقمية المستقرة في سياق التغيرات الأوسع نطاقا التي تشهدها الأسواق المالية. فعلى سبيل المثال، تقدم المؤسسات غير المصرفية الخاضعة لقواعد تنظيمية مخففة المزيد من السيولة في الوقت الحالي. ويزداد اعتماد جهات الإقراض على الذكاء الاصطناعي والبيانات الضخمة في تسريع الموافقات على القروض وخفض متطلبات الضمان والوصول إلى المقترضين الذين غالبا ما تتجاهلهم البنوك التقليدية. ويتضح من ذلك أمر واحد كما جاء في مقال زينغ، وهو أن "العملات الرقمية المستقرة قد تجيد وظيفتها في أوقات اليُسر، ولكنها قد تتعثر في أوقات الضغوط".

الشركات الجديدة التي دخلت الأسواق مؤخرا، مثل شركات التكنولوجيا المالية وعمالقة التكنولوجيا، والمنتجات المستحدثة، كالأصول المشفرة والعملات الرقمية المستقرة، تفرض تحديات على المؤسسات المالية الحالية.

غير أن العملات الرقمية المستقرة ليست سوى جانب واحد من هذه الثورة. فالقطاعان العام والخاص يشكلان معا قاطرة الابتكار. وقد استجاب عدد من الحكومات والبنوك المركزية لمبادرات المدفوعات الخاصة عبر رعاية النظم التي تلبي حاجة العملاء إلى سرعة المدفوعات وكفاءتها. ويتناول الباحثون من صندوق النقد الدولي تجربة "واجهة المدفوعات الموحدة" في الهند التي تربط بين مئات البنوك والمنصات والتطبيقات، وتنفذ ما يزيد على 19 مليار معاملة شهريا.

وفي الوقت نفسه، يتعين على البنوك المركزية والسلطات الإشرافية التعامل مع الابتكارات الإحلالية. فالشركات الجديدة التي دخلت الأسواق مؤخرا، مثل شركات التكنولوجيا المالية وعمالقة التكنولوجيا، والمنتجات المستحدثة، كالأصول المشفرة والعملات الرقمية المستقرة، تفرض تحديات على المؤسسات المالية الحالية. ويناقش إينياكي ألداسورو وجون فروست وفاتسالا شريتي من بنك التسويات الدولية كيف يمكن أن تتطور المنافسة بين الداخلين الجدد والمؤسسات الحالية. ويخلصون إلى أن تحقيق الإنجازات الأكثر تأثيرا مرهون بتطبيق سياسات عامة استشرافية بالتوازي مع الابتكارات الراديكالية.

ومكافحة الجريمة من المجالات الأخرى التي تستدعي انتباه السلطات العامة. فلسوء الحظ، كان المجرمون من أوائل مستخدمي الأصول المشفرة، وبالتالي يتعين أن توازن جميع نظم المدفوعات بين الخصوصية والسرعة من جهة، والحاجة إلى منع التهرب الضريبي وغسل الأموال وتمويل الإرهاب من جهة أخرى. ويطرح داريل دافي من جامعة ستانفورد، بمشاركة عدد من المؤلفين، منهجا عمليا واستباقيا لتحقيق هذا الهدف.

وبوجه عام، يتضح أن هناك مجالا كبيرا للابتكار في نظم المدفوعات والأسواق المالية. وهو ما يحتاجه المستخدمون بالفعل. والحل هو الموازنة بين المخاطر والمنافع عبر إطار تنظيمي واضح يحمي المستهلكين والمستثمرين ويحد من التداعيات. فمن يدري الإمكانات الجديدة التي قد تحملها لنا هذه الابتكارات في المستقبل؟

وتعرض صفحات هذا العدد مقالات أخرى مثيرة للتفكير. فيناقش كارل بينيديكت فريي من جامعة أوكسفورد كيف أن زيادة المركزية والحد من المنافسة قد يقوضان إمكانات الذكاء الاصطناعي المعززة للإنتاجية. وتتناول سواتي بهات تغير جغرافيا الشركات البادئة الأمريكية، مشيرة إلى هجرة أنشطة ريادة الأعمال من كاليفورنيا إلى ولايات الجنوب. كذلك يناقش نيك بلوم من جامعة ستانفورد، وهايتس أهير ودافيد فورتشيري من صندوق النقد الدولي، عدم اليقين الاقتصادي، وكيفية قياسه، وانعكاساته على الاقتصاد العالمي. ويعود المؤرخ الاقتصادي مارك-ويليام بالين بالذاكرة إلى القرن التاسع عشر حين تعثرت التجارة الحرة للمرة الأولى، بحثا عن دورس مستفادة لصناع السياسات اليوم.

ونعرض لمحة أيضا عن غويدو إمبينس الفائز بجائزة نوبل، الذي تسهم أبحاثه في إعادة تشكيل كيفية إثبات علاقة السببية في المجال البحثي على أرض الواقع. وضمن سلسلة "مقهى الاقتصاد"، نلتقي ستيفاني ستانتشيفا التي توضح لنا كيف يمكن لصناع السياسات زيادة الضرائب دون إقصاء المبتكرين.

وتسعدنا مشاركة هذه الرؤى معكم، آملين أن تفتح آفاقا جديدة للحاضر من أجل فهم أفضل لعالمنا. والشكر موصول لكم على متابعتكم وتفاعلكم.

غيتا بهات، رئيس التحرير في مجلة التمويل والتنمية.

الآراء الواردة في هذه المقالات وغيرها من المواد المنشورة تعبر عن وجهة نظر مؤلفيها، ولا تعكس بالضرورة سياسة صندوق النقد الدولي.

IMF - International Monetary Fund published this content on September 22, 2025, and is solely responsible for the information contained herein. Distributed via Public Technologies (PUBT), unedited and unaltered, on September 23, 2025 at 13:57 UTC. If you believe the information included in the content is inaccurate or outdated and requires editing or removal, please contact us at [email protected]