09/15/2025 | Press release | Distributed by Public on 09/15/2025 09:30
"الضرائب هي الثمن الذي ندفعه من أجل مجتمع متمدن" عبارة نُقشت على الواجهة الحجرية لمبنى وكالة الإيرادات الداخلية في واشنطن العاصمة لبيان الغرض من إنشاء الوكالة. والمقولة مأخوذة عن أوليفر ونديل هولمز الابن، أحد قضاة المحكمة العليا في أوائل القرن العشرين، ولكن بعض الشخصيات الأمريكية البارزة في العصر الحديث، مثل ستيف جوبز، يرون أن الابتكار هو المحرك الحقيقي لتطور المجتمعات. فقد قال جوبز إن "الابتكار هو الفرق بين القائد والتابع". فماذا يحدث حين يتصارع هذان العنصران... أي حين تصبح الضرائب عبئا على الابتكار؟
وترغب ستيفاني ستانتشيفا في التعرف على دور السياسة الضريبية في بناء روح الابتكار أو هدمها، وهو أحد الموضوعات التي تخضعها للدراسة في مختبر الاقتصاد الاجتماعي الذي أنشأته بجامعة هارفارد.وقد بدأ شغفها بالاقتصاد منذ صغرها أثناء نشأتها في بلغاريا في تسعينات القرن الماضي في خضم موجات التضخم المفرط. ثم انتقلت لاحقًا إلى فرنسا وألمانيا الشرقية، حيث وجدت معضلات اقتصادية كثيرة في حاجة إلى حلول. وكان مقدرا لستانتشيفا أن تصبح خبيرة اقتصادية، وبرزت في المجال البحثي منذ ذلك الحين.
وفازت بميدالية جون بيتس كلارك لعام ٢٠٢٥، المعروفة باسم جائزة "Baby Nobel"، عن عملها في مجال الضرائب والابتكار، والتي تُمنح لخبراء الاقتصاد دون سن الأربعين عن أبرز مساهماتهم في الفكر والمعرفة في مجال الاقتصاد.
ويسلط منهج ستانتشيفا العصري الضوء على اتجاهات مثل فكر المباراة الصفرية، الذي يطعن في الثوابت التقليدية بشأن بالنمو، ويساعد، كما تقول ستانتشيفا، في توضيح الأسباب المنطقية وراء تصورات الأجيال الشابة بشأن السياسات الاقتصادية.
وقد ناقشت ستانتشيفا، أستاذة ناثانيال روبس للاقتصاد السياسي في جامعة هارفارد، الفكر القديم والجديد في السياسة الاقتصادية مع رودا ميتكالف، من المساهمين في مجلة التمويل والتنمية.
مجلة التمويل والتنمية: سبق وأن شاركتي في العديد من الدراسات المثيرة للفكر، ولكن عملك في مجال الضرائب والابتكار حظي باهتمام كبير. فما الصلة بينهما؟
ستيفاني ستانتشيفا: هناك صلة مهمة. فالمبتكرون والمخترعون وكلاء اقتصاديون، كغيرهم، ويهتمون بالحوافز والمكافآت الاقتصادية. وتوضح دراساتنا تأثير الضرائب على المخترعين في الولايات المتحدة منذ ثلاثينات القرن الماضي. فقد أردنا فهم مدى تأثير الضرائب في تشكيل كم الابتكارات، وموقعها عبر مختلف الولايات، وجودتها. وخلصنا إلى أن الضرائب لها تأثير سلبي على الابتكارات، سواءً من حيث الكم، الذي يُقاس بعدد براءات الاختراع، أو الموقع. فالولايات التي فرضت ضرائب أعلى على الدخل الشخصي - وعلى دخل الشركات خصوصا - لم تحقق نجاحا في مجال الابتكار بقدر الولايات التي فرضت ضرائب أقل على الدخل.
التمويل والتنمية: إذن، إذا أرادت إحدى الولايات المزيد من الابتكار والمزيد من الشركات البادئة، لا عليها سوى خفض الضرائب؟
ستيفاني ستانتشيفا: الأمر أكثر تعقيدًا من ذلك. وهناك أسباب وجيهة وراء فرض الضرائب. فنحن بحاجة إلى جمع الإيرادات لتمويل أوجه الإنفاق العام المهمة. وإذا امتلكت إحدى الولايات الكثير من المرافق - قياسا، على سبيل المثال، بعدد المخترعين الموجودين فيها بالفعل، أو ببنيتها التحتية البحثية - يحد ذلك من آثار ارتفاع الضرائب. فكاليفورنيا، على سبيل المثال، تفرض ضرائب مرتفعة نسبيًا. ومع ذلك، لا يزال المبتكرون يرغبون في الانتقال إليها نظرًا لوفرة الابتكارات هناك بالفعل، ولكثرة المرافق، التي تُموّل جزئيًا من الضرائب المرتفعة. وينطبق ذلك أيضا على البلدان الرئيسية الأخرى المانحة لبراءات الاختراع، في أوروبا الغربية وكندا على سبيل المثال. وسهولة الحركة والحساسية تجاه الضرائب من سمات المخترعين البارزين. ولهذا أثر بالغ على هجرة المخترعين ذوي الكفاءة.
وعلى جانب السياسات، نستنتج من ذلك أن الضرائب مهمة لأسباب كثيرة، ومن ثم يتعين التخفيف من آثارها السلبية على الاقتصاد. ولذلك، فكيفية إنفاق الإيرادات أمر بالغ الأهمية. فالإيرادات التي تطور البنية التحتية للبحث والابتكار، وتعزز من جاذبية الموقع، تمكن الولاية أو البلد من رفع الضريبة دون فقدان كامل القدرة الابتكارية.
مجلة التمويل والتنمية: الضرائب موضوعٌ متكررٌ في أبحاثك. فما أهميتها؟
ستيفاني ستانتشيفا: من منا يُحب الضرائب، أليس كذلك؟ لكنها تؤثر على جوانب كثيرة من حياتنا. فالنظام الضريبي جيد التصميم يمكن أن يشجع النمو والمساواة، وأن يوفر بنية تحتية وخدمات عامة عالية الجودة. ولكن النظام الضريبي الذي يفتقر إلى جودة التصميم قد يُخلّف آثارًا تراكمية وخيمة تُعيق التنمية الاقتصادية. فالضرائب أداةٌ قويةٌ للغاية، وبالتالي من المهم دراستها وتطبيقها على النحو الصحيح.
مجلة التمويل والتنمية: مما يميز أبحاثك هو طريقة استخدامك للمسوح، وهي ليست جديدة، ولكن منهجك مختلف بعض الشيء. هل يمكنك التوضيح؟
ستيفاني ستانتشيفا: طالما كانت المسوح جزءا من علم الاقتصاد، ولكن هناك جوانب تظل خفية تمامًا في البيانات الاقتصادية، مهما بلغت جودتها، مثل تفكير الأفراد، وتصوراتهم، ومعتقداتهم، وسلوكياتهم. ولهذا السبب، فإن المسوح التي نُجريها في مختبر الاقتصاد الاجتماعي بالغة الأهمية. فحن نحاول أن نفهم كيف يفكر الأفراد في القضايا والسياسات الاقتصادية. ونتعمق في كيفية تفكير الأفراد، ولماذا يفكرون بهذه الطريقة، ولماذا يتبنون آراء معينة دون أخرى. وعادة ما تتضمن مسوحنا أيضًا عنصرا تجريبيا، مما يعني أن بعض الأشخاص سيرون نوعًا من المعلومات، في حين سيرى آخرون نوعًا آخر. ويمكننا أن نرى ما يحدث نتيجة هذه المعلومات الإضافية أو النظر إلى قضية معينة من زواية مختلفة. ونعمل في الواقع على إنتاج بيانات ضخمة حول أمرٍ غير مألوف: ماذا يدور في أذهان الناس. ويمكننا تحليله كميًا، كما يمكننا رؤية الأنماط، وفهم السبب والنتيجة. ويمكننا أيضا استخلاص دروس عديدة من هذا الأمر.
مجلة التمويل والتنمية: هل يمكنكِ إعطاء مثال على ذلك؟
ستيفاني ستانتشيفا: حاولنا التعرف على آراء المواطنين في 20 بلدا حول سياسات المناخ الرئيسية. ومن الأمثلة المثيرة للاهتمام مسألة المفاضلة بين فرض ضريبة على التلوث وحظره تمامًا. هل ينبغي فرض ضريبة على السيارات الملوثة للبيئة مع السماح للأفراد بشرائها ما داموا مستعدين لدفع الثمن؟ أم ينبغي لنا حظر السيارات الملوثة للبيئة تماما؟ تشير النظرية الاقتصادية إلى أن الضريبة أكثر فعالية من الحظر المباشر. ولكن المواطنين لهم رأي مختلف، ومسوحنا تساعدنا في فهم الأسباب. فقد تبين أن رأيهم نابع من قلقهم البالغ بشأن العدالة. فهم يرون أنه من الظلم أن يكون الأغنياء قادرين ببساطة على دفع ثمن تلويث البيئة بينما يعجز غيرهم عن ذلك. وبالتالي يعتبرون أن الحظر التام أكثر عدلاً.
مجلة التمويل والتنمية: تشير دراستك الأخرى إلى أن الكثيرين يفكرون بمنطق المحصلة الصفرية. فما المقصود بذلك؟
ستيفاني ستانتشيفا: فكر المحصلة الصفرية هو الاعتقاد بأن مكاسب فرد أو مجموعة لا بد أن تكون على حساب آخرين. وبالتالي، فهو اعتقاد بأن الخير محدود. فإذا حصلت أنت على شريحة أكبر من الكعكة، فلا بد لي من الحصول على شريحة أصغر. ويتناقض ذلك مع التفكير القائم على إيجابية المحصلة - أي الاعتقاد بأننا قادرون على تنمية الكعكة الاقتصادية دون الحاجة إلى التنافس المباشر فيما بيننا. وقد شرعنا في دراسة مدى انتشار هذا الفكر عبر الولايات المتحدة - عبر مختلف المجموعات والأجيال والأماكن - ومصدره ودوره في تشكيل الآراء بشأن السياسات. وقد اتضح أن منطق المحصلة الصفرية أكثر شيوعًا بين الشباب في الولايات المتحدة. وقد يبدو هذا مثيرا للدهشة، ولكنه الواقع أيضا في بلدان غنية أخرى. فالبيئة الاقتصادية مهمة حقًا. فالأشخاص الذين نشأوا في ظل انخفاض النمو وتراجع التحركية، كما هي حال الأجيال الشابة في الولايات المتحدة، أكثر اعتقادا في فكر المحصلة الصفرية على الأرجح.
والنمط معكوس في اقتصادات الأسواق الصاعدة، حيث تشهد المزيد من النمو والتحركية عن السابق. فالأجيال الشابة في هذه البلدان أقل إيمانا بمنطق المحصلة الصفرية من الأجيال الأكبر سنًا. ولكن البيئة الاقتصادية مهمة أيضًا على مستوى الفرد. فإذا نجحت عائلتك في ارتقاء السلم الاجتماعي، ستكون أقل إيمانا على الأرجح بمنطق المحصلة الصفرية.
التمويل والتنمية: في رأيك، هل يزيد ذلك من تسييس المناقشات حول السياسة الاقتصادية؟
ستيفاني ستانتشيفا: من المثير للاهتمام في منطق المحصلة الصفرية هو أنه، على عكس الكثير مما سواه اليوم، ليس قضية حزبية، حيث يتساوى فيه جانبا الانقسام السياسي. فالأمر ليس أن مجموعة سياسية ما أكثر اعتقادا في منطق المحصلة الصفرية عن مجموعة أخرى. ولكنه يفسر جانبا كبيرا من التباين في وجهات النظر داخل الحزب الواحد. فالأشخاص الأكثر إيمانا بمنطق المحصلة الصفرية، على سبيل المثال، يرغبون في المزيد من التدخل الحكومي لحماية المجموعة المتضررة من وضع المحصلة الصفرية. وهؤلاء يؤيدون أيضا المزيد من إعادة توزيع الثروة، اعتقادا منهم بأن مكاسب الأغنياء تأتي على حساب الفقراء. ومن المثير التفكير في هذا الأمر في ضوء زيادة انحياز الأجيال الشابة اليوم إلى منطق المحصلة الصفرية. فماذا قد يعني ذلك بالنسبة للسياسات في المستقبل؟
أُجريت تعديلات تحريرية على نص هذه المقابلة لمراعاة الطول المناسب والوضوح.ويمكن الاستماع إلى المقابلة كاملة.
الآراء الواردة في هذه المقالات وغيرها من المواد المنشورة تعبر عن وجهة نظر مؤلفيها، ولا تعكس بالضرورة سياسة صندوق النقد الدولي.